Pages

Wednesday, October 25, 2017

شيخ جاكسون ..................... رؤية نقدية


"تجديد الخطاب الديني" موضوع الساعة وهل الدين ضد الحياة بشكل عام أو الفن بشكل خاص ؟ الفيلم يدور حول هذه الفكرة ولكن في قالب درامي سينيمائي وتدور أحداثه على خلفية خبر وفاة "مايكل جاكسون" 

"خالد" طفل يعيش صراع بين والديه ونظرة كل منهما تجاه المطرب "مايكل جاكسون" فبينما الأم تحب أغانيه نجد الأب يرفضه تماما ويصفه دائما بالمخنث "ما تعرفش ده راجل واللا ست" بنص الجملة على لسان "ماجد الكدواني" ، يحسم الطفل الصراع لصالح والدته ويعيش على حلم الإقتداء به خاصة حين قابل زميلة الدراسة في فترة المراهقة تشاركه في حب "جاكسون" وتحفظ أغانيه وأراد أي يلفت انتبهاها حتى أنه قام بإطالة شعره مثله وتعلم رقصته الشهيرة رغم تضييق والده الشديد عليه وقيامه بإهانته وضربه أكثر من مرة وإزالة باب غرفته تماما حتى لا يتدرب على رقصته أو يرتدي ملابس شبيهة به.

 
بعد وفاة الأم ينتقل الصبي لبيت الخال ليجد حياة مختلفة كلية من الأب صاحب العلاقات النسائية المشينة رغم محاولته - في تناقض صارخ – أن يجعل ولده رجلا بادعاء الأخلاق إلى الخال التائب حسب ما ذكر خلال العمل لتتحول حياته بشكل مغاير تماما ، تحول لشيخ سلفي ارتدى الجلباب القصير وأطلق لحيته والسواك لا يكاد يفارق يديه وينام أسفل سريره فيما يشبه القبر ليتذكر الآخرة وزوجة منتقبة وله طفلة يربيها على الأغاني الإسلامية ومصدر رزقه إمامة أحد المساجد وتسجيل الدروس الدينية وبيعها ويتابع زميلة المراهقة خلسة والتي أصبحت عازفة معروفة.

فجأة لا يجد نفسه خاشعا في صلاته ولا يبكي كما في السابق ويطارده خيال "مايكل جاكسون" في صلاته وأثناء قيام الليل فيبحث عن العلاج النفسي بناء على نصيحة لصديق !!!! ويفاجئ بأنها طبيبة نفسية غير محجبة وليست طبيب حيث أن إسمها مشترك وبعد تردد لا يستمر لثواني يقرر الإستمرار في جلسات العلاج  !!!!
علامات التعجب من عندي لأنه ألم يكن الأجدر به أن يبحث في البداية عن العلاج بالقرآن أو يتحدث لأحد الشيوخ ؟


الفيلم يقدم حياة ذلك الشاب قاتمة لا روح فيها عبرت عنها الإضاءة بشكل كبير فكانت أغلب المشاهد مظلمة باهتة ، استخدم "عمرو سلامة" الرمزية لرفض الشاب الإهتمام بحياته وتركيزه على الموت فقط حين جعله دائم الرفض أن يقوم باستكمال ترتيب الأثاث في منزله وتركه مغلفا داخل الصناديق رغم الحاح زوجته الدائم ، وكذلك غابت الموسيقى التصويرية في المشاهد الخاصة بالشاب وحياته بعد تدينه .

أدان الفيلم كلا الطرفين : الأب صاحب النزوات مدعي الأخلاق أمام إبنه وأدان أيضا السلفيين ورفضهم للفن وهو ما اعتبره المؤلف رفضا للحياة ذاتها وتناقضهم باستخدامهم الألحان الشهيرة وإعادة تسجيلها على شرائط كاسيت بكلمات دينية وهي نقطة جيدة تحسب للعمل .

المشاهد الخاصة بالجانب السلفي لم تكن موفقة من وجهة نظري لأنها لم تتضمن أفكارا متطرفة أو شاذة كالتي يروجونها دائما بل ما قيل على لسان أبطال العمل هو من صحيح الدين لكن تم وضعها في إطار قاتم و في نفس الوقت وجبت الإشادة بدور الزوجة "عائشة" الذي أدته باقتدار على بساطته "أمينة خليل" حيث ظهرت الشخصية جميلة وهادئة تعين زوجها على قيام الليل لكن لا تحمل نفس التضييق الذي فرضه على نفسه وظهر ذلك في تعاملها مع عقلية طفلتها الصغيرة وصعوبة تفهمها لتشدد والدها فأعادت وصلة الإنترنت دون علمه .

مشهد الختام كان موفقا : "خالد" يتسلم صندوق يحوي مقتنياته القديمة ملابس شبيهة بملابس جاكسون وقبعته ويعود ليقرر استكمال ترتيب منزله لتدب الحياة في المنزل وتختفي الإضاءة القاتمة وحين تتركه زوجته ليقيم الليل كما اعتاد دمج "عمرو سلامة" الشخصيتين معا "خالد" بملابسه كسلفي مرتديا قبعة "مايكل جاكسون" ليؤدي رقصته الشهيرة في رسالته التي أرادها أن لا تعارض.


أحسن "عمرو سلامة" صنعا حين وقع اختياره على "أحمد الفيشاوي" فقد ساعدته الفترة التي قضاها برفقة عمرو خالد والتي ظهرت في قراءته الجيدة لآيات القرآن الكريم والأحاديث الشريفة وتقمص بحرفية أسلوب السلفيين في التحدث وأيضا يحسب لأحمد الفيشاوي أن لحيته طبيعية ولم يستخدم اللحى الصناعية كباقي الفريق السلفي وهي نقطة كنت أتمنى أن ينتبه لها عمرو سلامة.

ماجد الكدواني صاحب أداء عبقري وهو ينتقل بسلاسة بين الرجل صاحب النزوات والأب المربي نستطيع أن نقول أنه كان الحصان الأسود في الفيلم وأضاف بأدائه لمسة كوميديا وخفة ظل مطلوبة.

"أحمد مالك" شاب واعد أجاد تماما في مشاهده وهو يحاول تقليد رقصات "جاكسون" وأجاد حين جسد مشاهد المراهق المقهور من والده وأجاد في مشهدي المواجهة بينهما ويحسب لعمرو سلامة اختياره له هو وأحمد الفيشاوي وكان مبهرا التشابه مع انتقال المشاهد بينهما  فلم أشعر بغربة خاصة وأن السرد لم يكن متسلسلا .


نقطة أخرى تعتبر تفصيلة صغيرة لكنها هامة تم التعامل معها جيدا وهي أن طفولة "خالد" ومراهقته لما تكن أجهزة المحمول قد تم اختراعها وكان شائعا وقتها استخدام شرائط الكاسيت وأجهزة "الووكمان" التي يحملها الطلبة.
الفيلم في مجمله عمل جميل وجديد وناقش بحيادية ولم يغرق في التفاصيل .

No comments:

Post a Comment