Tuesday, February 14, 2017

بعض ما لدي .. !!!


لم أدرك معنى اقتران النضوج بالأربعين إلا حين بلغتها منذ أربع سنوات .. تدركها حين تتصالح تماما مع نفسك وتتسق أفكارك ويكون ظاهرك كباطنك لا تخشى بشرا .. لا تهتم بما يقولون عنك أو كيف يفكرون بك ويتلاشى الخط الوهمي بين ما تقول وما تفعل .
تدرك معنى النضوج حين تعلن على الملأ أخطائك بلا خجل لأنك لم ترتكب ما يمس الشرف فقط هى الأخطاء ذاتها التي يرتكبها الآخرون ولأنه بطبيعة الحال لسنا ملائكة .

لن أقول كغيري لو عاد بي الزمن للوراء لفعلت ما فعلت ولكن لو عاد بي لمشيت في طريق غير ما مشيت ، بعض الخطوات كانت ضغوط الحياة ومسئولياتها تجبرني وتلزمني على غير ما أحب ولكن أغلبها كان محض اختياري الحر بتلك الرعونة التي تجعلك تثق تمام الثقة في ذكائك وحنكتك وحسن اختيارك وصواب قراراتك .

لو عاد بي لغيرت مجرى حياتي من بعد تخرجي وبدأت بالكتابة مبكرا وعلى الفور وألزمت نفسي بها ودرست دراسات حرة ولقرأت أكثر مما قرأت
لو عاد بي لدشنت مدونتي مبكرا لأشبع هوايتي ولحاربت من أجل التحاقي بالعمل الصحفي ولدرست نقد فني سينمائي ومسرحي كما أحب ولشاهدت أعمال وابداعات أكثر بكثير مما شاهدت .

لو عاد بي لأعطيت جزء من نفسي وليس الكل لم كنت احسبها ستساندني لكن الطعنة جائتني من قبلها وفعلت ما لم يفعله بي أعدائي .

لو عاد بي لقرأت الرسالة مبكرا أن قصة الحب تلك نهايتها لن تكون كما أرغب لكني كما الأخريات كنت أعتقد أن قصتي مختلفة وأنه مختلف وأن الإشارات التي لم أقرأها جيدا لم تكن تخبر سوى بسوء الإختيار وبالنهاية الموجعة ولكن وكعادة هذه السن لم استجب للنصح الأمين في حينه .

لو عاد بي لما خضت التجربة مجددا ووثقت مجددا أنا التي تشكل عنصر جذب لغير المناسبين من الرجال ولم تكن لتتعلم سوى بالدرس القاسي . لا ألوم أيا منهما لكني لا أبرئ نفسي عن الخدعة مرتين ، جميعنا في نفس العمر على هذا الحال لهذا كثيرا في نصائحي لشبيهاتي وأشباهي فتيات أو فتيان حين يقاومون الشكوك في الشريك أنهي رأيي ونصيحتي لهم بجملة واحدة :
ما ضيرك لو أخذت كلامي على محمل الجد وأخذت حذرك حتى تتجنب الخسارة الكبرى مستقبلا ؟

لكن غالبيتهم لا يكفون عن عدم الإستجابة للنصيحة ولا أكف أنا عن التنبيه فنحن ببساطة لا نتعلم من تجاربنا أو تجارب غيرنا لهذا تتكرر نفس الأخطاء بنفس الشكل في متوالية عجيبة .

لو عاد بي لأدركت مبكرا أن القطاع الخاص في مصر ليس احترافيا كما يبدو وأني كنت أستطيع تجنب الإرهاق النفسي والذهني والعصبي وتعاملت مع المدراء بأسلوب "لا يسئلوا عما يفعلوا" أو كما يقال بالعامية "اربط الحمار" لأن بالأخير لن أكون أكثر حرصا على الشركة منهم أو من أصحاب المال فيها ولأن الغلبة عادة للمطبلين أو القادرين على تسويق أنفسهم حتى وإن لم يكونوا يبذلون نفس الجهد الذي أقوم به وتلك أحد عيوبي الشديدة .

لو عاد بي لما تفوهت بكملة تجاه أي شخص أو أي شئ لم يتوافق مع ما كنت أعتقد أنه الصواب ولما نصبت موازين الأخلاق بغرور وتعال ، وقتها لم أكن أعلم أن صحة التوجه أو صواب القرارات هي مسألة نسبية وما تتقبله أنت لا يتقبله أو يستسيغه غيرك وما تستطيعه أنت ليس بالضرورة أن يقدر عليه غيرك ، بعدت المسافات وانقطع التواصل ولكن بداخلي ذلك الندم على ما قلت وعلى ما حكمت به عليهم .

الآن أنظر إلى المستقبل بكثير من الشك وكثير من الأمل في آن ، أحد أحلامي في العمل الصحفي بدأت في التحقيق والحلم الآخر النقد الفني ووضعت قدما فيه ولكن ما زال الطريق طويلا لكن الخطوة الأولى قد اتخذت وهذا يكفي.

No comments:

Post a Comment