Wednesday, June 28, 2017

في البدء كان إنجين ........................ Bir Bulut Olsam





حديثة عهد بالمشاهدة المباشرة للدراما التركية ، تلك المشاهدة المباشرة لمسلسل "حتى الممات" جعلتني قريبة من جمهور "فانز" إنجين أكيوريك. كانوا دائمي الحديث عن دور " مصطفى بولوط " الذي لعبه في مسلسل " Bir Bulut Olsam " أو " لو أكون سحابة " والإنبهار الشديد عن الدور والشخصية التى لا تنسى والأداء العبقري والسحر الذى لا ينتهي.

بذلت مجهود كبير للحصول على الحلقات كاملة مترجمة لأني لا أميل للأعمال المدبلجة لأني كما قلت وأقول صوت الممثل جزء من أدواته لا يجب أن تغيب لصالح صوت آخر حتى لو كان بارعا ، وعن طريق الفانز حصلت على العمل مترجما كاملا رغم عيوب الصورة وتقسيم الحلقة الواحدة لعدة أجزاء لكن لا بأس ذلك أفضل من لا شئ.

في البدء كان إنجين ثم وقعت في سحر العمل ككل : قرية "ماردين" على الحدود التركية السورية لأسرة عمدة البلدة وابنه المدلل العاشق المجنون "مصطفى بولوط"  المتزوج من إبنة عمه زواج ديني غير موثق على غير رغبتها بسبب حبه الشديد والمريض لها .

يأتي للقرية طبيب وفي نفس الوقت متطوع للبحث عن الألغام في المنطقة وتأمينها لتنقلب حياة "بولوط" وحياة "نارين" إبنة عمه رأسا على عقب ويدخل في صراع مع الطبيب وابنة عمه وأبوه من جانب لإنهاء هذا الزواج الغير رسمي بعد أن قام والده بتزويجه مرة أخرى على غير رغبة منه.

وحده يقف منفردا يواجه الجميع من خلال صراعه مع مشاعره من طرف واحد ومرضه والحياة التي فرضت عليه وإصراره ورغبته المحمومة أن يكتسب قلب إبنة عمه وان يحول بينها وبين إرتباطها بأى شخص بخلافه مما يدفعه لارتكاب سلسلة أخطاء وارتكاب جريمة يخرج منها مستغلا سلطة والده.



لن أعيد سرد القصة لكن سأقف أمام مجموعة من النقاط الملفتة لي :
·       قصة المسلسل ليست تلك القصص التركية المعتادة القائمة في مجملها على قصص الحب والرومانسية الساخنة والمبالغ فيها ، أو حتى قصص الإنتقام والمافيا والعصابات.
·       قصة تحمل الكثير من عادات وتقاليد المجتمع التركي بعيدا عن اسطنبول وأنقرة ولأنها قريبة من الحدود السورية فالحياة شبيهة لحد كبير بالمجتمع الشرقي العربي.




·       الملابس البسيطة ذات الألوان الزاهية كعادة الأماكن ذات المستوى الثقافي البسيط رغم أن بعضهم مستقر ماديا ويظهر بشكل كبير في كم المصوغات الذهبية التي ترديها النساء ، أجواء بعيدة عن اسطنبول الحاضرة في أغلب الدراما التركية وقصورها وأزياء نجماتها.
·       نارين (ميليسا سوزن) التي تحولت من فتاة تقاد إلى فتاة مستقلة تتخذ قرارتها بنفسها رغم معاناتها مع "مصطفى" ثم زواجها من "هارون" المدرس مضطرة بسبب عدم شجاعة الطبيب الذي أحبها وأحبته في الإعتراف لها أو التمسك بها ، عبرت عن المعاناة بشكل جيد وانتقلت بين مراحل الشخصية بشكل ممتاز لولا أنها شكلا لا تناسب فتاة عمرها 18 عاما حيث أنها تبدو أكبر رغم نجاحها في التعبير عن البراءة والإنكسار ثم النضوج في نهاية العمل.
·       آسيا (أصليهان جوربوز) زوجة "بولوط" شغفها الشديد وحبها وغيرتها فأعطت للشخصية زخم وروح ومساحة للإبداع فصالت وجالت وانتقلت من الضعف لسوء طبع "بولوط" معها وقسوته إلى الأفعال المجنونة أحيانا بروح الأنثي الجريحة ، أما المشهد الذي لا ينسى حين حاول "بولوط" إجبارها على الإجهاض وبنظرة الضعف وقلة الحيلة في عينيها والفرحة حين تراجع كانت عبقرية ، أجادت طول الوقت وكانت هي وإنجين أكيوريك الثنائي الأقوى داخل العمل.


·       بهار (شكران أوفالي) قدمت شخصية العاشقة المهووسة بشكل مختلف وتلك براعة من "ميرال أوكاي" أن تكتب في عمل واحد شخصيتين تحملان نفس الهوس تجاه نفس الشخص لكن بروح محتلفة وردود أفعال مختلفة لكل منهما وصاحبة صوت رخيم وشجي في الغناء.
·       حوار "بولوط" مع والده في المنطقة الجبلية على الحدود السورية حين تبادلا تجاربهما فتحدث الأب عن السورية التي عشقها ولم يستطع الزواج بها وقيام أبناؤه بتعويضه آلام فقدها وتحدث هو شارحا حبه ومشاعره لنارين وأنه ليس مجنونا كان من أجمل المشاهد مع موسيقى تصويرية معبرة.


·       من المشاهد اللطيفة والمرحة والمضحكة هي مشاهد النسوة معا وكيف يتعمدن إغاظة بعضهن البعض أو حتى حين يتفقن على واحدة منهن خاصة حين وضعوا دواء مسبب للإسهال لصديقة عمدة البلدة "بهار" كذلك الجارة الفضولية "صفية" ومشاهدها مع "مصطفى" وتشاؤمه منها.
·       لم أتعاطف مع الطبيب لأنه كان مزدوج المعايير ، عامل "مصطفى بولوط" بشكل سيئ حتى أنه وضعه في مستشفى للأمراض النفسية لكن لم يتعامل بنفس رد الفعل مع "هارون" وكلاهما تسبب في نفس الأذي لنارين .
·       لا أعتقد في الشخصية التي تبدو مثالية طوال الوقت ولا تخطئ لأنها غير موجودة في الواقع وهذا كان سببا آخر لعدم التعاطف مع الطبيب ، وعلى الجانب الآخر الشخصية المثالية التي لا تحمل من التناقضات البشرية إلا القليل عادة ليس فيها مساحة للتحرك أو الإبداع ولهذا كان أداء "إنجين ألتان" ثابتا باهتا طوال الحلقات حتى المشهد الوحيد الصعب حين بكى لتخليه عن "نارين" لم يكن أداؤه مقنعا . من حيث أرادت الكاتبة أن نتعاطف معه ونتبنى موقفه لم يحدث هذا معي لكن وجبت الإشادة في نقطة بسيطة وهي رزانة "إنجين ألتان" كانت مطلوبة في بعض المشاهد.
·       "أونال سيلفر" .. مبدع في دور العجوز المتصابي والعمدة الفاسد .
·       قضية إنجين أكيوريك الخاصة بالخدمة العسكرية كانت سببا في إنهاء العمل لكن كان يبدو أن"ميرال أوكاي" أتيح أمامها الوقت الكاف ما سمح لها بكتابة نهاية منطقية مهدت لها بشكل متقن على عكس قرار التوقيف المفاجئ لمسلسل "حتى الممات" حيث لم يتح لكاتبته نفس الفرصة.




·       شهادتي في "إنجين أكيوريك" مجروحة لكن لا بأس من التوضيح لأنك أمام "مشخصاتي" محترف كنت أنتقل معه من الرغبة في صفعه وضربه إلى التعاطف معه والرغبة في احتضانه ، الشخصية المتناقضة تلك تمثل تحديا للممثل الذي يتصدى لها:
-        "مصطفى بولوط" شخصية حرة جامحة يفعل ما يريد ويقول ما بداخله ولا ينتقي عباراته ولا يهتم بتأثيرها على من حوله ضعيف أمام من يحب رغم القسوة الشديدة المسببة للأذى والألم وحب التملك والسيطرة.
-        رغم سعادتي بإلقائه في السجن حين حاول قتل نارين حتى لا تكون لغيره لكن لم استطع اخفاء التعاطف الشديد معه حين تعرض للضرب في السجن على يد الحراس وبكى.
-        أبدعت "ميرال أوكاي" مجددا حين جعلت كل مشهد للمواجهة بين بولوط والطبيب مختلف ولم تسقط في فخ التكرار واختلف أداء إنجين أكيوريك في كل مرة في حين كان أداء إنجين ألتان ثابتا.
-        ثلاث مشاهد عبرت عن إنهزامه : مشهد حوض السباحة الشهير والعوم لساعات حتى أنهكه التعب لينام بجانب الحوض وسط تعاطف والده وصديقه ومشهد آخر هو السير لمسافة طويلة على قدميه لينتهي مستسلما للمسة زوجته التى رفضها لسنوات لياتي مشهد الإستسلام الأخير بفقده حبه الوحيد حين شاهد "نارين" مع زوجها الطبيب أثناء تجوالهما وكالعادة ولا نأت بجديد أبدع بآداء مختلف في كل مرة.



-        الأداء الصامت من أصعب المشاهد والتي تكشف مهارات الممثل ، تقريبا حلقة كاملة حين أودع مستشفى الأمراض النفسية بلا كلمات فقط الأداء بالعينين والنظرات الزائغة وعضلات الوجه وباقي الجسد متمثلا في الخطوات الواهنة والجسد النحيل مدعيا عدم وعيه ومعرفته لأيا من عائلته بما فيهم زوجته أو أصدقائه.





-        ملك التعبير بالعينين لم تأت من فراغ حين وصف بها إنجين أكيوريك حيث كانت تتغير تعبيراته في فيمتو ثانية لأخرى حسب متطلبات اللحظة من الشر والسخرية والحب والضعف الإنساني والإنتقام والعصبية والغضب.



نأتي للمشاهد التي لم تكن مقنعة بالنسبة لي :

·       نارين ... تدرك جيدا ضعف "بولوط" تجاهها ورغم رفضها له مرارا وتكرارا إلا أن استسلامها حين اغتصبها لم يكن مقنعا ففي حين أنها قاومته ودفعته عنها حين حاول التقرب منها في بداية زواجهما إلا أني لا أعلم كيف استسلمت بهذا الشكل الغريب حتى تمت عملة الإغتصاب بسلاسة غير متوقعة ، كانت تستطيع فعل الكثير لمنعه من هذا الفعل الشائن ولو بالتلاعب به مرحليا إلى حين الذهاب لمكان آمن .



·       في بعض الأحيان أصابتني الحيرة من رد فعل "نارين" تجاه "بولوط" لم تستطع "ميلسا سوزن" التفريق بين التعاطف و بين الحب في أدائها.
     
·       مشهد صلاة "نارين" بعد اغتصابها لم يكن موفقا بالمجمل وأخطأت الكاتبة لعدم استعانتها بمن يشرح لها شروط الطهارة والوضوء وكيفية الصلاة.

العمل ساحر في مجمله ، لا تستطيع نسيانه أو تخطيه ، أبدعت ميرال وافتقدناها.

2 comments:

  1. This comment has been removed by the author.

    ReplyDelete
  2. فعلا المسلسل اكثر من رائع ولايمكن نسيانه واتفق معك فعلا خاصة عدم الاقتناع باداء شخصية الدكتور وشخصيه نارين تحسى انها اكبر سنا

    ReplyDelete