بسيناريو مأخوذ عن مسلسل ياباني تقدم الدراما
التركية هذا العام مسلسل "أمي" ، المسلسل مختلف عن التيمة المعتادة
والمكررة بشكل كبير في الدراما التركية عموما .. لا تعتمد على وسامة البطل وجمال
وجاذبية البطلة وقصة الحب التي يجب أن تشتعل من البداية والمشاهد الرومانسية
المعتادة .
طفلة صغيرة تعاني من إهمال والدتها لها وقسوة
صديق أمها وسوء معاملتهما هما الإثنين لها حتى أنهما ألقيا بها داخل كيس جمع
القمامة مرتين ولا تتفوه بكلمة لتنقذ نفسها وكل أحلامها أن تجد من يأخذها من برودة
البيت الذي تحيا فيه إلى دفء العائلة الذي تحلم به ، تتعلق بمعلمة كانت في بلدتها
بشكل مؤقت وتتطور العلاقة حتى تقرر المعلمة أن تنقذ الطفلة مما تعانيه وتقرر أن
تختطفها إلى اسطنبول وتغير إسمها لتبدآ معا حياة جديدة لكن تجري الرياح بما لا
تشتهي السفن حين تتصادم المعلمة والطفلة من جانب وأم الفتاة وصديقها من جانب والتي
دخلت في تحدي مع إبنتها وعناد لا لسبب سوى أن الطفلة أصبحت تجد في المعلمة الأمومة
الحقيقية وأنكرتها رغم أنها لا تقدم لابنتها الحياة السليمة والصحية.
الصراع بين فريق المعلمة من جانب وأم الفتاة
الأصلية وصديقها من جانب والشد والجذب ونصوص القانون التركي الخاص بالعنف ضد
الأطفال وإجراءات التبني والرعاية مازال قائما حيث أن العمل جاري عرضه بمعدل حلقة
أسبوعية في القنوات التركية ويرفع الفيديو مترجما في اليوم التالي .
العمل في مجمله رائع ، هي دراما عن "
الأم" أو معنى الأم هل هي من أنجبت أم من ربت ، هل هي من تعي معنى الأمومة
وواجباتها ومسئولياتها أم التي تكتسب كلمة أم بالإنجاب وحسب من خلال عرض أكثر من
نموذج للأم ، أم تخلت عن ابنتها حين قتلت زوجها لسبب لم تكشف عنه الأحداث بعد
والإبنة تبنتها محامية لها إسمها ووضعها الإجتماعي وكانت أما حقيقية لها مع
إبنتيها الحقيقيتين ، والأم المهملة وهي والدة الطفلة الصغيرة ، وشابة كانت على
وشك أن تكون أما لولا تعرضها لعملية إجهاض وشابة هي المعلمة لم تختبر الأمومة
لكنها عاشتها مع الطفلة حين قررت إنقاذها وتوفير الحياة السليمة لها .
تلك النماذج لها مالها وعليها ما عليها وأنت
تتابع كيف كتبت تلك النماذج بذكاء شديد لتعطي التنوع المطلوب من أجل إيصال الرسالة
التي يهدف من ورائها العمل .
نأتي هنا للأداء ونبدأ بالشخصية الرئيسية
للعمل وهي الطفلة ملك / تورنا أو Beren
Gökyıldız طفلة ذات موهبة فطرية كبيرة وذكاء عال وممثلة
بارعة قادرة على استدراج دموعك كلما بكت وتفرح معها إذا فرحت حتى أنها حازت على
جائزة التمثيل لأفضل طفلة عن هذا العمل ، بيرين حسب ما قرأت عنها لم يكن هذا العمل
هو الأول لها ولكن سبقه أعمال مما يدل على موهبة متأصلة في هذه الطفلة.
يحسب للعمل أن المخرج اختار طفلة ذات وجه
عادي لكن بعينين ملؤها الذكاء ولم تكن طفلة ذات وجه جميل بشكل كبير لكنها دخلت
قلوب كل من شاهدها .
هناك أيضا المخضرمة Vahide Perçin بأداء ينم عن الخبرة والحنكة والتمكن الشديد
والتعبير بالعينين وعضلات الوجه والصوت الموسيقى الذي تتميز به في دور الأم التي
تخلت عن ابنتها بعد سجنها بتهمة القتل ونقلت الصراع بين أمومتها ورفض إبنتها
لوجودها في حياتها مرة أخرى بأداء عال يدرس والتي وبرغم كل شئ لا تستطيع سوى
الوقوف بجانب ابنتها في كل صراعاتها بحب كبير .
لدينا كذلك ممثلة عبقرية متمكنة Gonca Vuslateri وهي أم الفتاة الحقيقية وهي
تصارع ظروفها الخاصة وأزماتها الإقتصادية والنفسية الكثيرة من طرف وصراعات الأم
بداخلها والعناد مع طفلتها من طرف آخر .
الشخصيات المركبة كتلك تحتاج ممثل ذو قدرات
خاصة حتى لا تنفلت الشخصية منه ويقع إما تحت فخ المبالغة أو فخ الأداء الباهت
الساذج وقد سيطرت جونجا تماما على الشخصية والدور ولم يفلت منها مشهد أو لقطة أو
تعبير .
الشخصية الرئيسية هي لزينب أو المعلمة والتي
تلعب دورها Cansu Dere
الملامح التي ظهرت بها بدون مكياج تقريبا يليقان بفتاة بسيطة خجولة عاشت متحملة
المسئولية من صغرها ، الملابس بسيطة "كاجوال" طوال الوقت وحقيبة الظهر
دليل على كونها إنسانة عملية لا تميل للمبالغة ، أجمل مشاهدها هي مشاهدها مع
الطفلة "بيرين" أو ملك / تورنا بينهما كيمياء وتواصل عال وهو المطلوب
تماما في مثل هذه الحالة ليوضح كيف أصبحت الرابطة قوية كأم وابنتها رغم عدم وجود
صلة للدم بينهما .
نأتي لما أراه عيوب العمل وهي التأثر في بعض
المشاهد بالأسلوب الآسيوي في التصوير من حيث طول النظرات الصامتة ونقل تعبيرات وجه
كل المشاركين في المشهد والقطع والإنتقال بين اللقطات والمشاهد لم يكن في وقته في
بعض الأحيان ، أداء جانسو كان في بعض المشاهد ضعيف في حين كان يحتاج منها أن تعلو
بانفعالها وصوتها قليلا .
لم يعجبني أداء الجدة نهائيا وأجدها مبالغة
في الأداء ومشاهدة مملة .
سعدت أن شخصية علي بدأت ملامحها تظهر قليلا وتبتسم بدل من الوجه الجامد الخالي من التعبير في أغلب المشاهد .
سعدت أن شخصية علي بدأت ملامحها تظهر قليلا وتبتسم بدل من الوجه الجامد الخالي من التعبير في أغلب المشاهد .
لم أجد مبررا لمشاعر "شولة" تجاه
جانكيز رغم ما فعله بها وبابنتها حتى بعدما قامت سالمة من بعد محاولة قتل أن تسأل
عن جانكيز وليس عن ابنتها .
في المجمل العمل ممتاز لولا تلك الهنات
البسيطة ويستحق المشاهدة وهو رسالة لكل أم أنه كما هناك واجبات من الابناء تجاه
الآباء وجاري التذكير بها ليل نهار هناك مسئولية أهم وأخطر من الآباء تجاه الأبناء
من حيث التربية وتوفير مناخ صحي ونفسي حتى يشبوا أسوياء.
No comments:
Post a Comment