Saturday, April 1, 2017

الدراما التركية ..................... ما لها وما عليها

الفن ، الأدب ، الشعر ، الرياضة هي القوى الناعمة التي إن أدركتها الأمة فقد فرضت نفسها وسيطرت وجدانيا ، كانت مصر هكذا في السابق ولعقود ، هوليوود الشرق كما أطلقوا عليها فقد جمعت فناني العالم العربي وقدموا إبداعا مازال راسخا ومحتفظا ببريقه حتى الآن .

مع تدهور الأوضاع وتدني الحياة المعيشية للأسف قلما تجد عملا الآن له نفس التأثير والبقاء ومع خروج الدراما السورية من المشهد وانتقال معظم نجومها إلى الدراما المصرية اقتحمت الدراما التركية والهندية حتى الكورية الفضاء العربي ووجد فيها المشاهد العربي عوضا عن الموضوعات التي يفتقدها في انتاج بلده بالإضافة إلى مشاهدة أجواء جديدة وأماكن جديدة وهي أحد مزايا الدراما التركية على الإطلاق .

عدم وجود استديوهات للتصوير منحت الحرية لشركات الإنتاج لتصول وتجول داخل الأراضي التركية صحيح التركيز غالبا على اسطنبول ولكن عادة يتطرق السيناريو إلى أماكن في اقاليم أخرى ومناظر أخرى والتي شكلت دعاية غير مباشرة للسياحة في تركيا .

العديد من المشاهدين الذين ارتبطوا بمسلسل معين إذا تسنى لهم زيارة تركيا عادة ما يودون أن يقوموا بزيارة الأماكن التي شاهدوها في المسلسل وأماكن التصوير من بحيرات وقصور وفلل وحتى البيوت البسيطة لكنها شكلت في اللاوعي لديهم الرغبة في مشاهدتها على الطبيعة والإستمتاع بها .

لم تكتف الدراما التركية بالترويج السياحي الغير مباشر للأماكن والآثار ولكن كذلك للعادات التركية في الزواج والإرتباط والتحضير لليلة الحنة والعرس والرقص الفلكلوري في المناسبات المختلفة وكذلك الطعام وأشهر الوجبات التركية و يبقى صنع الشاي على الطريقة التركية أبرزها ، ولم يكتفوا بذلك بل الترويج للباعة الجائلين كذلك في الشوارع من بائعي السميط والآيس كريم والأكلات السريعة وإبراز النظافة والجمال هناك ويتم تضفير كل هذا في إطار جذاب وبشكل غير مباشر في براعة متناهية .



نأتي للدراما نفسها وسأذكر ما يميزها بشكل سريع أولا الورق – السيناريو -  فعادة ما تجمع التوليفة داخل العمل الواحد بين الحب والكراهية ، الصراع بين الخير والشر ، الخيانة والحيرة ، الجريمة والقانون والقضاء ، توليفة متكاملة ليجد كل مشاهد ما يريد ويشبع ذوقه .




















من المزايا كذلك هي العمل بالنموذج الغربي في إذاعة حلقة أسبوعيا ومتابعة نسب المشاهدة والمتابعة وأحيانا ما يتوقف العمل لأنه لما يحظ بالتقدير المطلوب وإن استمر الإنتاج فلأن العمل له سوق عرض خارجية على عكس العالم العربي حيث تشتري القنوات العمل دفعة واحدة وتذاع حلقة يوميا وفي النهاية فقد تورط المنتج في سداد أجر الممثلين والفنيين دفعة واحدة وتورطت القناة في شراء عمل ربما ليس بالقوة المطلوبة وتعتمد في التعويض على الفواصل الإعلانية ووسط ادعاءات النجاح من الجميع وغياب التقييم الحقيقي والإستهتار بالمقالات النقدية لهذا لا تتعدى الدراما العربية حدود المنطقة .

لن أقول أن نظام التقييم التركي شفاف بشكل كبير ويحدث أن تتدخل فيه التحيزات والتزوير لكن النسبة الأكبر من عملية التقييم بها من المصداقية الشئ الكثير .

نأتي للأداء تستطيع القول أن المنافسة عالية جدا بين النجوم الأتراك لجذب أكبر عدد من الجمهور مع كل عمل ، هناك بالتأكيد أسماء رسخت نفسها وسجلت إسمها بحروف من نور وهناك جيل آخر ينضم وينافس الملحوظة الأكبر هو شعورك أنك جزء من المشهد معهم داخل الكادر مرتديا طاقية الإخفاء بسبب عدم الشعور بوجود كاميرات وفنيين وانتهاء عصر أن يعطي الممثل ظهره إلى زميله وتيمات الأداء المعتادة وكالعادة لأن التعميم لا يصح فهناك هنات وأسماء تحظى ببطولات وهي لا تستحق .

من المزايا كذلك أنه في الوقت الذى يتم فيه إنتاج عملين هما "قيامة أرطغرل" و "السلطان عبد الحميد التاني" في استدعاء لمبدأ الخلافة و الإرث العثماني هناك "أنت وطني" المتحدث عن سقوط الخلافة وقيامة الجمهورية التركية والتمجيد في أتاتورك .


                                                      








نأتي إلى العيوب فإن كانت أكبر المزايا هو العرض الأسبوعي فإن زمن الحلقة يتخطي الساعتين أحيانا وهو تحدي أمام المؤلف في إعمال خياله والسير بالأحداث لغير المتوقع وفتح خطوط جديدة للإستمرار والحفاظ على المنطقية وعلى المخرج ألا يجعلك تشعر بالملل أو التمطيط على عكس الدراما الأمريكية ساعة أسبوعيا وعدة مواسم تصل أحيانا ل 15 موسم كما حدث في مسلسل ER وغيره من نجاح إلى نجاح في أغلب الأحيان والسبب أن الدراما الأمريكية تعتمد على ورش الكتابة وليس المؤلف الواحد ولهذا لو وجدت مسلسل تركي تعدت حلقاته المواسم الثلاثة فهذا إنجاز يحسد عليه .




عيب آخر وهو التوليفة والتي تكلمنا عنها مسبقا أنها أحد المزايا فهي أحد العيوب كذلك لأنه ليس من السهل بمكان أن تجد عملا يخرج عن هذا الإطار ليقدم فكرة جديدة مبتكرة بعيدة عن قصص الحب الملتهبة والرومانسية المبالغ فيها أغلب الأحيان وعادة ما يحفل السيناريو بعيوب في الحبكة وعدم منطقية الأحداث حتى أني أحيانا لا أستوعب كيف تخطى المخرج وخيال الممثل وهو يقرأ تلك العيوب ولم يتوقف ليناقشها هل لأن التصوير والكتابة يسيران جنبا إلى جنب ولا يوجد وقت لتحلق الحلقة بموعد العرض ؟ ربما ولكنه ليس بالعذر المقبول .

عادة لا تخلو الأعمال من البطل الوسيم والبطلة الوسيمة وفكرة الثنائيات وهل هناك كيمياء بينهما وهل هناك توافق روحي أمام الكاميرا أم لا والاستفتاءات والمقارنات بين جميع الثنائيات لا ينتهي ، لا أدري هل هناك أعمال كان أبطالها ممثل / ممثلة لا يمتلكون الوسامة أو الجمال وكانت الشخصية والقصة هما الأساس أم لا لأني حديثة عهد بالدراما التركية لكن الشاهد أمامي أنه حاليا لا يوجد .

إذا كتب مشهد ما ونفذ ببراعة ونجح ووجد أثره في وجدان المشاهدين عادة ما يتم استنساخه في أعمال أخري ربما تحدث تغيرات طفيفة لكن في الأغلب يحدث النقل كاملا وتتكرر بشكل ممل وكذلك تكرار مشهد جسر البسفور الشهير في كل الأعمال .

للأسف هناك إهمال مؤسسي للدراما التركية بمعني فكرة الدعاية والتسويق ويقوم بديلا عن ذلك جماهير النجم / النجمة بمجهود فردي جبار مما يشجع القنوات التليفزيونية في دول أخرى على شراء العمل ودبلجته بالإضافة إلى التقوقع سينمائيا لا أدري لم رغم توافر كل المقومات للنجاح كما فعلت إيران ووصلت للعالمية ونالت جوائز .

بالنهاية تأثير أن الدراما التركية في العالم العربي لا ينكر ومتابعوها يزدادون بشكل مستمر وتعدت حدود المشاهدة للعمل مدبلجا إلى المشاهدة المباشرة في نفس توقيت العرض مع تركيا أو انتظار الحلقة مترجمة في اليوم التالي على موقع يوتيوب في مقابل غياب أو إهمال عربي لملأ الفراغ أو الإستفادة من مميزاتها .

No comments:

Post a Comment