Monday, November 10, 2014

1919



السينما صناعة مهمة بلا شك وخطيرة فى آن. ومن أخطر مآسيها أن الناس تستقى معلوماتها وثقافتها وعاداتها منها. وقد دأبت السينما منذ الأربعينات من القرن الماضى أن ترسخ لفكرة أن المعاش والموت سواء وانها بمثابة لقتل الخبرة وأنها جريمة فى حق الوطن إن أرسلنا تلك الخبرات إلى المنازل.

الحقيقة أن هذه الفكرة هى الجريمة الحقيقية فى حق الوطن ولهذا لا تجد أيا من هؤلاء العجائز من يعطى الفرصة لصف ثان أن ينشأ أو أن تعطى فرصة لصاحب فكرة أو تطوير أن يطفو على السطح لأن فى هذا تهديدا لاستمراره ووجوده.
المستقبل يخطط له ويرسمه من تنتظرهم القبور و للأسف بمباركة شعب لا تدرى هل تشفق عليه أم تشمت فيه كونه لا يدرك أن أحد أخطر أسباب ارتفاع نسبة البطالة هو التجديد المستمر لمن وصل إلى سن المعاش وهم بدورهم ومن مراكزهم تلك حريصون على توريث المناصب أو حجزها لأبنائهم وأقاربهم لحين التخرج أو تلعب الصداقة والمصالح فعلها بمجاملة بعضهم البعض إن لم يجدوا بين أسرهم من يورثوه وباقى الشعب لا بواكى له .

نسبة الشباب فى المجتمع المصرى حوالى 65 % يعانون بسبب سيطرة العجائز وتجد أحدهم يصل للأربعين من العمر دون أن يحقق أحلامه أو ينفذ فكرة عبقرية تفيد الوطن أو يجد جهة لديها استعداد أن تتبنى اختراع ما هذا لو افترضنا جدلا أنه وجد وظيفة من الأساس وإن وجدت شابا فى موقع قيادى فكن متأكدا أن ورائه ظهير يدفع به لكن ستجده أيضا فى نفس الوقت غير مبدع وغير محترف ويعيد سيرة العجائز فيمن هم تحت إدارته من حيث تقريب المؤيدين لسياساته الإدارية والمنافقين أغلب الوقت وغير مسموح لذوى العقول بالإقتراب .
لاحظ أننى هنا لا أتحدث عن نظافة اليد فهى بكل حال مستبعدة بشكل أو بآخر وبنسب متفاوتة وإن سلمنا بوجودها فلا تحاول إقناعى بأن مرتب أحدهم الشهرى حلال فى ظل استبعاد أهل الكفاءة والمهارة ليحل محلها أهل الحظوة والمحسوبية والثقة.

المنافسة مع هؤلاء تعد ضربا من الجنون فأنت لا تملك ما يملكون ماديا وليس لديك الظهير وحتى مستوى تعليمك لا يرق إليهم هم خريجى المدارس والجامعات الأجنبية وأنت ضحية المنظومة التعليمية فى بلدك فتعاقب على ما لم تقترف يداك ، وفرضا إن استطعت أن تجد لنفسك وظيفة فلن يسمح لك بالترقى والصعود حتى لو كنت كفئا يكفى أنهم تفضلوا وعينوك لكن لا تطمع فى أكثر من هذا ولعلكم تذكرون كيف قضت الخصخصة على شباب كثيرين أضيفوا لطابور العاطلين .

الخبرة التى يمتلكونها إن وجدت يمكن الإستفادة منها كأبحاث أو توصيات أو محاضرات ، لكن الأخطر أن يدير العجائز حيث لا ابتكار ولا اطلاع على أحدث ما وصل إليه الآخر وبطئ الحركة والتيبس فى الأطراف هما الغالبان ، وعليه فأمامك عدة طرق للتعامل وكلها للأسف تؤدى لطريق واحد هو ثبات تلك الدولة فى القاع فإما التماهى مع هذه الحالة والرضا بالمتاح أو إن شئت الدقة الصمت الذليل ، أو اللجوء للأسلوب الذى لا يفشل وهو التطبيل والنفاق والغناء والرقص الإستربتيزى للأعلى منك حتى تستمر ، أو لو أتيحت لك الفرصة لإزاحة الطرف الأضعف فافعل وضع لنفسك كل المبررات الممكنة واللازمة لإراحة الضمير وفى حالة إن كنت شريفا فابحث عن الهجرة .

فكرة أن "المعاش والموت واحد" تسببت من حيث يدرى العجائز فى قتل المواهب وسد أبواب الإبداع بمختلف صوره فليس اقسى على الشباب من أن يضطر اضطرارا لقبول أى وظيفة لتوفير مصدر للرزق فهو لا يملك رفاهية الجلوس بالمنزل والتجريب المستمر ليحقق احلامه سواء بشكل فردى أو مؤسسى ليجد نفسه مع مرور الوقت وقد شاخ مبكرا وفقد القدرة على الخلق والإبداع .

ختاما ورغم أنى لم أعد أحترمه لكن سأستعير كلمته "أما آن أن ترحلى يا دولة العواجيز؟" 

No comments:

Post a Comment