Saturday, February 18, 2017

أمي ....... Anne

بسيناريو مأخوذ عن مسلسل ياباني تقدم الدراما التركية هذا العام مسلسل "أمي" ، المسلسل مختلف عن التيمة المعتادة والمكررة بشكل كبير في الدراما التركية عموما .. لا تعتمد على وسامة البطل وجمال وجاذبية البطلة وقصة الحب التي يجب أن تشتعل من البداية والمشاهد الرومانسية المعتادة .

طفلة صغيرة تعاني من إهمال والدتها لها وقسوة صديق أمها وسوء معاملتهما هما الإثنين لها حتى أنهما ألقيا بها داخل كيس جمع القمامة مرتين ولا تتفوه بكلمة لتنقذ نفسها وكل أحلامها أن تجد من يأخذها من برودة البيت الذي تحيا فيه إلى دفء العائلة الذي تحلم به ، تتعلق بمعلمة كانت في بلدتها بشكل مؤقت وتتطور العلاقة حتى تقرر المعلمة أن تنقذ الطفلة مما تعانيه وتقرر أن تختطفها إلى اسطنبول وتغير إسمها لتبدآ معا حياة جديدة لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن حين تتصادم المعلمة والطفلة من جانب وأم الفتاة وصديقها من جانب والتي دخلت في تحدي مع إبنتها وعناد لا لسبب سوى أن الطفلة أصبحت تجد في المعلمة الأمومة الحقيقية وأنكرتها رغم أنها لا تقدم لابنتها الحياة السليمة والصحية.





الصراع بين فريق المعلمة من جانب وأم الفتاة الأصلية وصديقها من جانب والشد والجذب ونصوص القانون التركي الخاص بالعنف ضد الأطفال وإجراءات التبني والرعاية مازال قائما حيث أن العمل جاري عرضه بمعدل حلقة أسبوعية في القنوات التركية ويرفع الفيديو مترجما في اليوم التالي .

العمل في مجمله رائع ، هي دراما عن " الأم" أو معنى الأم هل هي من أنجبت أم من ربت ، هل هي من تعي معنى الأمومة وواجباتها ومسئولياتها أم التي تكتسب كلمة أم بالإنجاب وحسب من خلال عرض أكثر من نموذج للأم ، أم تخلت عن ابنتها حين قتلت زوجها لسبب لم تكشف عنه الأحداث بعد والإبنة تبنتها محامية لها إسمها ووضعها الإجتماعي وكانت أما حقيقية لها مع إبنتيها الحقيقيتين ، والأم المهملة وهي والدة الطفلة الصغيرة ، وشابة كانت على وشك أن تكون أما لولا تعرضها لعملية إجهاض وشابة هي المعلمة لم تختبر الأمومة لكنها عاشتها مع الطفلة حين قررت إنقاذها وتوفير الحياة السليمة لها .

تلك النماذج لها مالها وعليها ما عليها وأنت تتابع كيف كتبت تلك النماذج بذكاء شديد لتعطي التنوع المطلوب من أجل إيصال الرسالة التي يهدف من ورائها العمل .

نأتي هنا للأداء ونبدأ بالشخصية الرئيسية للعمل وهي الطفلة ملك / تورنا أو Beren Gökyıldız   طفلة ذات موهبة فطرية كبيرة وذكاء عال وممثلة بارعة قادرة على استدراج دموعك كلما بكت وتفرح معها إذا فرحت حتى أنها حازت على جائزة التمثيل لأفضل طفلة عن هذا العمل ، بيرين حسب ما قرأت عنها لم يكن هذا العمل هو الأول لها ولكن سبقه أعمال مما يدل على موهبة متأصلة في هذه الطفلة.

يحسب للعمل أن المخرج اختار طفلة ذات وجه عادي لكن بعينين ملؤها الذكاء ولم تكن طفلة ذات وجه جميل بشكل كبير لكنها دخلت قلوب كل من شاهدها .






هناك أيضا المخضرمة Vahide Perçin  بأداء ينم عن الخبرة والحنكة والتمكن الشديد والتعبير بالعينين وعضلات الوجه والصوت الموسيقى الذي تتميز به في دور الأم التي تخلت عن ابنتها بعد سجنها بتهمة القتل ونقلت الصراع بين أمومتها ورفض إبنتها لوجودها في حياتها مرة أخرى بأداء عال يدرس والتي وبرغم كل شئ لا تستطيع سوى الوقوف بجانب ابنتها في كل صراعاتها بحب كبير .

لدينا كذلك ممثلة عبقرية متمكنة Gonca Vuslateri وهي أم الفتاة الحقيقية وهي تصارع ظروفها الخاصة وأزماتها الإقتصادية والنفسية الكثيرة من طرف وصراعات الأم بداخلها والعناد مع طفلتها من طرف آخر .

الشخصيات المركبة كتلك تحتاج ممثل ذو قدرات خاصة حتى لا تنفلت الشخصية منه ويقع إما تحت فخ المبالغة أو فخ الأداء الباهت الساذج وقد سيطرت جونجا تماما على الشخصية والدور ولم يفلت منها مشهد أو لقطة أو تعبير .




الشخصية الرئيسية هي لزينب أو المعلمة والتي تلعب دورها Cansu Dere الملامح التي ظهرت بها بدون مكياج تقريبا يليقان بفتاة بسيطة خجولة عاشت متحملة المسئولية من صغرها ، الملابس بسيطة "كاجوال" طوال الوقت وحقيبة الظهر دليل على كونها إنسانة عملية لا تميل للمبالغة ، أجمل مشاهدها هي مشاهدها مع الطفلة "بيرين" أو ملك / تورنا بينهما كيمياء وتواصل عال وهو المطلوب تماما في مثل هذه الحالة ليوضح كيف أصبحت الرابطة قوية كأم وابنتها رغم عدم وجود صلة للدم بينهما .

نأتي لما أراه عيوب العمل وهي التأثر في بعض المشاهد بالأسلوب الآسيوي في التصوير من حيث طول النظرات الصامتة ونقل تعبيرات وجه كل المشاركين في المشهد والقطع والإنتقال بين اللقطات والمشاهد لم يكن في وقته في بعض الأحيان ، أداء جانسو كان في بعض المشاهد ضعيف في حين كان يحتاج منها أن تعلو بانفعالها وصوتها قليلا .

لم يعجبني أداء الجدة نهائيا وأجدها مبالغة في الأداء ومشاهدة مملة .

سعدت أن شخصية علي بدأت ملامحها تظهر قليلا وتبتسم بدل من الوجه الجامد الخالي من التعبير في أغلب المشاهد .




لم أجد مبررا لمشاعر "شولة" تجاه جانكيز رغم ما فعله بها وبابنتها حتى بعدما قامت سالمة من بعد محاولة قتل أن تسأل عن جانكيز وليس عن ابنتها .

في المجمل العمل ممتاز لولا تلك الهنات البسيطة ويستحق المشاهدة وهو رسالة لكل أم أنه كما هناك واجبات من الابناء تجاه الآباء وجاري التذكير بها ليل نهار هناك مسئولية أهم وأخطر من الآباء تجاه الأبناء من حيث التربية وتوفير مناخ صحي ونفسي حتى يشبوا أسوياء.

Tuesday, February 14, 2017

بعض ما لدي .. !!!


لم أدرك معنى اقتران النضوج بالأربعين إلا حين بلغتها منذ أربع سنوات .. تدركها حين تتصالح تماما مع نفسك وتتسق أفكارك ويكون ظاهرك كباطنك لا تخشى بشرا .. لا تهتم بما يقولون عنك أو كيف يفكرون بك ويتلاشى الخط الوهمي بين ما تقول وما تفعل .
تدرك معنى النضوج حين تعلن على الملأ أخطائك بلا خجل لأنك لم ترتكب ما يمس الشرف فقط هى الأخطاء ذاتها التي يرتكبها الآخرون ولأنه بطبيعة الحال لسنا ملائكة .

لن أقول كغيري لو عاد بي الزمن للوراء لفعلت ما فعلت ولكن لو عاد بي لمشيت في طريق غير ما مشيت ، بعض الخطوات كانت ضغوط الحياة ومسئولياتها تجبرني وتلزمني على غير ما أحب ولكن أغلبها كان محض اختياري الحر بتلك الرعونة التي تجعلك تثق تمام الثقة في ذكائك وحنكتك وحسن اختيارك وصواب قراراتك .

لو عاد بي لغيرت مجرى حياتي من بعد تخرجي وبدأت بالكتابة مبكرا وعلى الفور وألزمت نفسي بها ودرست دراسات حرة ولقرأت أكثر مما قرأت
لو عاد بي لدشنت مدونتي مبكرا لأشبع هوايتي ولحاربت من أجل التحاقي بالعمل الصحفي ولدرست نقد فني سينمائي ومسرحي كما أحب ولشاهدت أعمال وابداعات أكثر بكثير مما شاهدت .

لو عاد بي لأعطيت جزء من نفسي وليس الكل لم كنت احسبها ستساندني لكن الطعنة جائتني من قبلها وفعلت ما لم يفعله بي أعدائي .

لو عاد بي لقرأت الرسالة مبكرا أن قصة الحب تلك نهايتها لن تكون كما أرغب لكني كما الأخريات كنت أعتقد أن قصتي مختلفة وأنه مختلف وأن الإشارات التي لم أقرأها جيدا لم تكن تخبر سوى بسوء الإختيار وبالنهاية الموجعة ولكن وكعادة هذه السن لم استجب للنصح الأمين في حينه .

لو عاد بي لما خضت التجربة مجددا ووثقت مجددا أنا التي تشكل عنصر جذب لغير المناسبين من الرجال ولم تكن لتتعلم سوى بالدرس القاسي . لا ألوم أيا منهما لكني لا أبرئ نفسي عن الخدعة مرتين ، جميعنا في نفس العمر على هذا الحال لهذا كثيرا في نصائحي لشبيهاتي وأشباهي فتيات أو فتيان حين يقاومون الشكوك في الشريك أنهي رأيي ونصيحتي لهم بجملة واحدة :
ما ضيرك لو أخذت كلامي على محمل الجد وأخذت حذرك حتى تتجنب الخسارة الكبرى مستقبلا ؟

لكن غالبيتهم لا يكفون عن عدم الإستجابة للنصيحة ولا أكف أنا عن التنبيه فنحن ببساطة لا نتعلم من تجاربنا أو تجارب غيرنا لهذا تتكرر نفس الأخطاء بنفس الشكل في متوالية عجيبة .

لو عاد بي لأدركت مبكرا أن القطاع الخاص في مصر ليس احترافيا كما يبدو وأني كنت أستطيع تجنب الإرهاق النفسي والذهني والعصبي وتعاملت مع المدراء بأسلوب "لا يسئلوا عما يفعلوا" أو كما يقال بالعامية "اربط الحمار" لأن بالأخير لن أكون أكثر حرصا على الشركة منهم أو من أصحاب المال فيها ولأن الغلبة عادة للمطبلين أو القادرين على تسويق أنفسهم حتى وإن لم يكونوا يبذلون نفس الجهد الذي أقوم به وتلك أحد عيوبي الشديدة .

لو عاد بي لما تفوهت بكملة تجاه أي شخص أو أي شئ لم يتوافق مع ما كنت أعتقد أنه الصواب ولما نصبت موازين الأخلاق بغرور وتعال ، وقتها لم أكن أعلم أن صحة التوجه أو صواب القرارات هي مسألة نسبية وما تتقبله أنت لا يتقبله أو يستسيغه غيرك وما تستطيعه أنت ليس بالضرورة أن يقدر عليه غيرك ، بعدت المسافات وانقطع التواصل ولكن بداخلي ذلك الندم على ما قلت وعلى ما حكمت به عليهم .

الآن أنظر إلى المستقبل بكثير من الشك وكثير من الأمل في آن ، أحد أحلامي في العمل الصحفي بدأت في التحقيق والحلم الآخر النقد الفني ووضعت قدما فيه ولكن ما زال الطريق طويلا لكن الخطوة الأولى قد اتخذت وهذا يكفي.