Thursday, May 24, 2018

Cocuklar Sana Emanet ويعمل إيه الأداء القوي في سيناريو ضايع:



العتاب سيكون على مستوي توقعاتي من الفيلم لهذا ربما سأكون قاسية لكنها بدافع تقديري لموهبة في حجم إنجين أكيوريك ومخرج قرأت عن إبداعاته الكثير. فالطريق إلى الدراما السيئة مفروش عادة بالنوايا الطيبة و ليس كافيا أن تكون الفكرة قوية والقضية هامة حتى ينجح العمل ولكن الأهم هو التنفيذ والإطار الذي تقدم فيه لأن سذاجة التناول قد يضر بها، بل أحيان أخرى تتفوق الفكرة البسيطة المقدمة بغرض التسلية على نظيرتها القوية بسبب براعة التنفيذ وتماسك السيناريو.

"كرم" مهندس معماري ناجح ومتميز وله لمساته الخاصة في مجاله، متزوج لكن لدى زوجته صعوبات ناحية الإنجاب والموضوع يؤرقها بشدة وتسعى بكل جهدها لتجرية كل الوسائل المتاحة لتحقيق حلمها وهو يتعامل معها بحب وبصبر جميلين.

في محاولة للتخفيف عنها واخراجها من حالتها النفسية يسافران إلى منزلهم في قرية "أستوس" بعيدا عن اسطنبول  وعلى الطريق يظهر طفل فجأة ليصطدم به وتتحول العطلة لكابوس بعد وفاة زوجته والطفل جراء الحادث ليطارده بعدها شبح رجل وطفل بشكل متوحش، ومع استمرار المطاردة يقترح عليه صديقه أن يذهب إلى معالجة في قرية أخرى لديها قدرة على رؤية تلك الأشباح رغم فقدانها للبصر. لاحقا تستطيع كشف سر احتفظ به منذ طفولته وهو قيامه بقتل رجل اعتاد التحرش بالأطفال والإعتداء عليهم وفقد صديقه جراء ذلك. وبالفعل تستطيع مساعدته لكنها تذهب ضحية هي الأخرى أثناء إنقاذه.



 
"عصب" العمل الدرامي هو السيناريو "الورق"، من عنوان الفيلم "الأطفال أمانتك" أن الأمر متعلق بالأطفال بالأساس والقضية التي يريد طرحها هي التحرش والإعتداء الجنسي عليهم لكن هل تمت مناقشة الفكرة وأبعادها وتقديم الحلول؟ بنظرة على الفيلم أقول بكل ثقة للأسف لا.

ما شاهدته طوال الفيلم قبل المشهد الرئيسي أو ال Master Scene  وهو لحظة مواجهة المعالجة لكرم بجريمته طفلا; مجرد حياة عادية لأي زوجين تلاها زوج  شبه محطم بعد وفاة الزوجة في حادث السيارة ثم مطاردة شبحين للزوج الأول للطفل الذي قتل في الحادث والثاني لرجل بالغ مطموس الملامح ظننت طوال الوقت أنه والد الطفل المكلوم وما أكد لدي هذا الشعور هو نظرة الوالد لكرم بعد تبرئة المحكمة له وشهادة الشهود أنه التزم بآداب وقوانين القيادة وأن الطفل هو من ظهر أمامه فجأة قبل أن يتضح أنه المتحرش السابق.



 
لا أدري لم توارد في ذهني الفيلم المصري "النظارة السوداء" وشخصية "مديحة" في الجزئية المتعلقة بالمقطوعة الموسيقية الغربية التى صاحبتها في المرحة الأولى من حياتها وكيف أصبحت نفس المقطوعة معبرة عن الضغط العصبي حين بدأت حياتها تسير في منحنى آخر وكيف حولها المخرج حسام الدين مصطفى من مقطوعة راقصة إلى مصدر للإزعاج والألم. ربما كنت أتمنى لو أن "شاغان إيرماك" قدم شيئا مشابها لشخصية كرم فربما كانت تعطي بعدا أعمق وأكبر للقضية.



 
كان يجب أن تظهر أية علامات، بوادر أو الغاز مصاحبة لأحداث الفيلم تكون على علاقة بقضيته وتتصاعد تدريجيا حتى يحدث مشهد إعترافه بجريمته وأسبابها التأثير المطلوب بدلا من أن يظهر المشهد بتلك السذاجة وتبدو القضية مقحمة وفردية متعلقة بالمهندس فقط وليست ظاهرة تعاني منها مجتمعات كثيرة وعلى رأسها تركيا:

·        كأن يكون تعامله مع مشكلة تأخر إنجاب زوجته بهذا الهدوء - إضافة لحبه لها - نابعا من خوفه أن يتعرض أبنائه لنفس ما تعرض له صديقه.
·        أو أنه قام بشكل غير مقصود بانقاذ طفل كان على وشك أن يتعرض للإعتداء.
·        أو أن يكون لصديق طفولته تأثير لازمه في مراحل عمره وليس مجرد ذكرى يكفيها قيام "كرم" برعاية الأزهار على قبره كما ظهر في بداية الفيلم، أما ما دار على لسان زوجته وهي تقارن حالها بحال من أنجبت كان لايعدو كونه مقارنة بين تعامل من اعتاد على النعمة ومن يشعر بألم الحرمان ليس إلا. 


 إضافة لما سبق لدي عدة تساؤلات وملاحظات تتعلق بالحبكة:
·        لماذا ماتت زوجته في الحادث وقد كان من الممكن أن تستمر الأحداث بوجودها ليقوما بتربية "عمر" معا؟
·        لماذا لم ينتقم منه الشبح حين شاهده للمرة الأولي في ممر المستشفى؟
·        لماذا ماتت الجدة؟ هل ليكون هناك سبب أن يعتني "كرم" بـ "عمر" ؟ حتى تلك كان من الممكن إيجاد مخرج لها كأن يكون الطفل بلا أهل أو عائل وهي تولت رعايته!!!
·        لم أجد رابطا أو سببا مقنعا بأن تطارده الأشباح بعد حادث السيارة وكان الأكثر منطقية أن يطارده شبح الرجل البالغ مبكرا قبل أن ينضم إليه الطفل القتيل حتى تترسخ فكرة حادثة الإعتداء الجنسي وليس حادث انقلاب السيارة قبل الإعتراف.
·        لم أشعر أن قضاء "كرم" على الشبح هو قضاء على الخوف بداخله والتطهر وبناء نفسه من جديد.
·        عدم منطقية توقف الطفل القتيل عن مطاردة "كرم" ومطالبة والده بعدم الإنتقام منه.
هل معنى ذلك أن العمل كان بلا إيجابيات بالطبع لا لكنها في مجملها لم تستطع أن تضيف للقضية التي يطرحها العمل:
·        كادرات شاغان إيرماك عبقرية لوحات بصرية مرسومة ظهرت فيها جماليات "أستوس" والقرى المحيطة.
·        الإضاءة وألوان الصورة كانت مناسبة تماما مع كل مشهد.
·        الإنتقال السلس بين المشاهد والقطع في مكانه تماما.
·        المؤثرات البصرية كانت متقنة في مجملها، أقلها هو مشهد قضاء "كرم" على الشبح.
·        المطرقة: هي أداة الجريمة وهي الحل .. دور البطولة مجددا كما جاء في الفيلم.
·        الحوار كان جميلا موحيا في مجمله لكن أبرزه:
-         مشهد كرم وزوجته في المطعم
-         حوار كرم عند قبر صديق طفولته
-         مخاطبة كرم للطفل القتيل عند قبره



بالنسبة للأداء فقد أجاد الجميع بما فيهم الأطفال ولن أضيف جديد بخصوص إنجين أكيوريك وذوبانه المعتاد في كل دور يلعبه واتحاده الكامل مع الشخصية من الداخل والخارج فمع كل شخصية "لوك" جديد لأنه يجيد تماما التعامل مع ملامحه ولكن في بعض اللقطات لم أشعر بسيطرته على الشخصية كما عودنا وكأنه يؤدي من الخارج.