هذا الشعب لم
يجد من يحنو عليه منذ عقود ولهذا وضعه العسكر فى الحضانة قسم رعاية الشعب المبتسر ولم
يسمحوا و لن يسمحوا له بالفطام وهو قد استمرأ ذلك . وضع كل ثقته فيمن يحكمه وعطل
عقله حتى تيبس تماما وورث هذا لأولاده من بعده .
يقال أن
الدجاج كان قديما يستطيع الطيران لكن لأنه كسول فقد تيبست أجنحته وأخلد إلى الأرض
وفيما يبدو أن الشعب أصبح مدجنا لا يحرك ساكن فقط يجيد الكلام والشكوى.
"وطن
يعنى حضن" قالها رئيسهم الإنقلابي وبعيدا عن السخرية التي طالت هذا الوصف لكن
هي كلمة حق جاءت على لسان سفاح وهذه الأرض التي نحيا عليا للأسف تفتقد كل مقومات
ما يسمي وطن .
يقنعون
أنفسهم أنها دولة وأنها وطن في حين أنها "وطن على ماتفرج" أو "حاجة
كده وكده " أحد أذرع السيطرة هى التعليم وإن شئننا الدقة التجهيل فلا يوجد فى
عقل أى ديكتاتور الرغبة فى تحرير العقول بل العكس وإلا فلن يستقيم له سلطان .
المدارس
تعانى من عدم مشاكل في مبانيها وفي قلة عدد الفصول في مواجهة عدد التلاميذ والطلبة
هذا بالنسبة للشكل أما المضمون فالمناهج لا ترقي لأي مستوى لكن العاملين بها أو
القائمين على العملية التعليمية يصدقون أن في مصر تعليم وهو أيضا كده وكده .
التعليم في مصر للأسف لا يقدم للمجتمع خريجين لائقين لأي وظيفة ، كل طلبة الجامعة
يعلمون أن ما يدرسونه ليست له علاقة بالحياة العملية.
مدرسة تحكى
لى كيف أن المناهج غير مناسبة بالمرة لسن التلاميذ فى المرحلةالإبتدائية ويحملونهم
فوق طاقة عقولهم الإستيعابية لكنها مضطرة لانهاء المنهج .. زمان حسب قولها كانت
الكتب شيقة كغلاف ومنهج وصورة وكانت كتب القراءة تلتهم التهاما وكانت مناسبة لتلاميذ
فى المرحلة الإبتدائية أما الآن الكتب ليست جاذبة لا شكلا ولا مضمونا ، مدرسة أخرى
عاتبتها على لومها التلاميذ والصراخ الدائم لهم واتهامهم بالخيابة والفشل وعدم
الإجتهاد رغم تصريحها أن المناهج صعبة صمتت هنيهة وصبت كل غضبها على وزارة التربية
والتعليم.
حالة أخرى
كانت هى الأخطر وهى مدرسة مادة "الدراسات الإجتماعية" وكيف يتم تزييف
التاريخ بشكل فج ولا يملك أية احترافية وكيف أن بانجو وبرايز ونجوم العهر أصبحوا
أبطالا ووقعت فى حيرة هل تدرس للطلبة هذا وتقول هذا ماتكتبون فى أوراق الإجابة لكن
الحقيقة هى كذا وكذا ؟ وهل إن فعلت ستأمن على نفسها وأسرتها من الضرر إذا انبرى
ولى أمر سيساوى فقام بالإبلاغ عنها لمدير المدرسة وتصاعدت الأمور ؟ لكنها فى
النهاية قررت التصحيح لمن تثق فيهم من التلاميذ وتعرف توجه أسرهم حتى لا تكون
مساهمة فى خلق جيل ضائع.
عدد الفصول
لا يستوعب عدد التلاميذ ، اقل كثافة موجودة فى الفصول هو 54 تلميذ مطلوب من المدرس
السيطرة والشرح والتأكد من استيعاب الجميع فى مدة زمنية لا تزيد عن ساعة ونصف رغم أن
علماء النفس يقولون ان مدة تركيز الطفل لا تزيد عن نصف الساعة فقط.
اشتكت لى
إحداهن من أولياء الأمور ونظام "الطبطبة" على التلاميذ وعدم التعرض
للطالب بالكلمة حرصا على سلامته النفسية دفعها لإهمال التلاميذ من تلك النوعية ...
تشتكى كذلك من الإعلام الذى يتعاطف دون روية أو تحقيق مع شكوى أى وليى أمر مما جعل
هيبة المعلم تنهار يوما بعد يوم .
أتذكر عندما
كنت فى المرحلة الإبتدائية وكان ولى الأمر يقول للمدرس "كسر واحنا نجبس"
.. هل كانوا يقصدون الموافقة على عنف المدرس المبالغ فيه تجاه أبنائهم ؟ أبدا ولكن
كان الهدف بث هيبة المعلم داخل النفوس وبث أهمية التعليم فى أبنائهم.
هل تحدثنا عن
المرتبات التى لا تسد رمق ولا تسمن ولا تغنى من جوع ؟
حسنا نحن لا
نملك سوى انتقادات ولعنات على المدرسين المعتمدين على الدروس الخصوصية رغم أن نفس
اللعنات لا تصب على الأطباء اصحاب العيادات الخاصة أو المحامين أصحاب المكاتب
الخاصة أيضا . هم كأى مهنة فيهم الشريف وفيهم الفاشل المستغل للطلبة لكن فى
النهاية هم مثلهم مثل العاملين بالمخروبة مرتباتهم لا تكفى .
ليست تلك
المشكلة الأكبر لكن الأنكى والأنجع هو الحرص على استمرار العملية التجهيلية بعدم
الإرتفاع أو الارتقاء بمستوى التعليم حتى يسهل عليه السيطرة بمعنى تعمد الإبقاء على
الشعب جاهلا أطول فترة ممكنة لأكبر عدد ممكن .
نتطرق إلى
الجامعات وليس خافيا على أحد أننا خارج التصنيف العالمى كأفضل 500 جامعة فى العالم
.
أثناء زيارة قصيرة إلى قطر عرفت أنهم يستوردون مناهج من أوروبا وينتدبون أساتذة
منهم كذلك (راحت عليك يا زوزو) لدينا حملة دكتوراه ويبدو أنهم فهموها خطأ حيث
أصبحوا حملة ديكتاتورية . الجامعة التى من المفروض أن تكون مكان تكوين شخصية قائد
الغد غير مسموح لها بمناقشة الدكتور فى أفكاره إن امتلكها وإليكم لقطات سريعة عما
يحدث فى الجامعات والقائمة تطول:
- تعيينات رؤساء الجامعات والعمداء ورؤساء الأقسام من
قبل أمن الدولة
- تعيين المعيدين ليس طبقا للتفوق والتقديرات .. نو
أبسلوتلى .. طبقا للحظوة ودرحة القرابة والزيت الذى يجب أن يظل فى الدقيق
- هل لدينا مناهج أو بحث علمى ؟
- من منا لم يسمع بسرقة الأبحاث والرسائل العلمية
ومجهود طلبة الدراسات العليا ؟
هذا بالإضافة
إلى مستوى خريجى الجامعات المصرية الثقافى والعلمى والتدهور الإملائى (أعرف خريج
يكتب دون وضع نقط على الحروف)
الوضع كارثى
بامتياز يا سادة وللأسف التعليم الممتاز متاح لأصحاب الثروات القادرين عليه وهم
نسبة لا تزيد عن ال 5% من إجمالى 90 مليون مواطن والوظائف متاحة والهجرة كذلك . لكن
ما يثير فى نفسى التساؤل هل يدرك خريجى هذا التعليم الممتاز تلك المآساة وهذا
التمايز الطبقى هل يشاركون أبناء الوطن ممن لم تتح لهم نفس فرصهم ؟
أعلم أن
القليل من الطبقة البرجوازية يدركون المأساة ويشاركون فى المظاهرات والمسيرات
والمطالبة بوطن نعيش فيه لكن الغالبية من هذه الطبقة البرجوازية تثير الغثيان فى
التناقض الغريب بين "البلد بقت زفت وياريت ننمشى منها وبين الحمد لله خلصنا
من الإخوان" لكن الدهشة الأكبر هو من باقى هذا الشعب المستسلم الإنهزامى أمام
ضياع كافة حقوقه وأحدها حقه وحق أبنائه فى تعليم محترم.
أعلم أن هناك
كوارث أخرى وهناك مشاكل أخرى وتحديات أخرى لكن هذا غيض من فيض .
إلى لقاء آخر
مع باقى المهازل ال "كدة وكدة" .
No comments:
Post a Comment