أولا الشكر
كل الشكر للدكتورة هدى زاد والتى استقطعت أجزاء من مذكراتها فى وحدة صحية فى إحدى
قرى الفيوم وأمدتنى بمعلومات كان لها كبير الأثر فى كتابة هذا الجزء الخاص بملف
الصحة فى مصر لأن موضوع شائك بالنسبة لى ولا أعلم الكثير عن هذا العالم وأشعر أنها
الحلقة الأضعف فى السلسلة رغم أنها لا تقل خطورة عن سابقيها عن التعليم والإعلام.
فى أوربا
والدول المتقدمة أكبر بنود الميزانية تنفق على التعليم والبحث العلمى والصحة ، مواطن
ذو تعليم راق مع صحة جيدة يستطيع أن يبنى ويطور البلد الذى يحيا فيه. أما الدول
المتخلفة والمدللة باسم العالم الثالث فالميزانيات تنفق على الأمن ثم الأمن ثم
الأمن من أجل بقاء الديكتاتور على العرش و "يسف الشعب تراب"
....................... يستاهل
العاملون في
المستشفيات الحكومية أو في المراكز والوحدات الصحية يتعاملون معها على أنها مراكز
طبية خدمية وهي في الحقيقة كده وكده حيث لا إمكانيات أو أدوات تسعف أو
تعالج وحيث لا أخلاق أيضا حين تلد امرأة خارج المستشفى بسبب ضيق ذات اليد أو أن
يلقى مريض على الرصيف أو تلقى أشلاء الطلبة المحترقين في الشوارع .
صحيح أن
التعميم لا يليق وصحيح أيضا أن القابضون على الجمر إما لم يعد بالإمكان أفضل مما
هو كائن فأصابتهم لا مبالاة وبلادة كباقى الفئات ويأس من تغير الأوضاع للأفضل أو
باحثون كغيرهم على الهروب من المخروبة والبعض مازال يعافر لكن أين هم وماذا يفعلون
؟؟ حتى الأطباء الذين طالبوا بالكادر وبالإمكانيات والأدوات ليأدوا واجبهم لم نعد
نسمع لهم سوى صوت خفيض على استحياء والأكثر وجعا أن الشعب للأسف غير مدرك لأهمية
وتأثير طلبات هؤلاء الأطباء عليهم بشكل مباشر.
بالمناسبة أين
منى مينا لماذا كانت أسدا على الإخوان ومع العسكر نعامة ؟
من تجربة شخصية
مع أحد الأطباء الشباب المشرفين عن قسم رعاية الأطفال المبتسرين حكى عن مافيا
المستشفيات الخاصة وكيف تم تدمير المستشفيات والمراكز التابعة لوزارة الصحة
بالصفقات والتربيطات والعمل على تخريب الأجهزة داخل المستشفيات العامة والعمل على
تعطيل تطويرها وتجهيزها لدفع المرضى دفعا نحو مستشفيات الأطباء الخاصة.
هل
المستشفيات الخاصة بمنأى عن فشل المستشفيات العامة ؟ للأسف لا والدليل سبوبة
العلاج بالخارج على نفقة الدولة لأن المستشفيات الخاصة فشلت فى تقديم نفس خدمة الخارج
.
جارتى قامت
بإجراء عملية جراحية للتخسيس فى مستشفى خاص ولست على فهم لأشرح نواحى طبية وفنية
بحتة ، الخلاصة أن تلك الجارة كادت أن تفقد حياتها بسبب أخطاء الجراح وطبيب
التخدير ، لكن المحزن هو ما حكاه زوجها عن ملائكة الرحمة اللواتى كانت زوجته بين
أيديهن وكيف تحولن لوحوش يطالبون بالمال جهارا نهارا ومن لها علاقة بالحالة ومن
تنتمى لقسم آخر غير عابئات بهذا الزوج المكلوم حتى يقمن بواجبهن تجاهها.
من مذكرات
طبيبة فى وحدة صحية فى قرية أهلها لا يعرفون من الطب سوى السماعة التى من المفترض
أن توضع على الرأس لتعرف سبب الصداع وعلى الركبة لتعرف سبب الألم ولا يعرف أهلها
شئ عن التحاليل والأشعة وإذا تكلمت عنها فأنت طبيب فاشل وهى من موقعها هذا تحارب
الجهل والمرض فى آن.
" ،، القرية ﻻيوجد بها اى شئ
ممكن تحتاجه والوحدة الصحية ﻻيوجد بها غير انا والسماعة بتاعتى وبس ،، مافيش اى
اجهزة حتى ترمومتر الحرارة غير موجود،،، انا وسماعتى وكتابى وخبرتى البسيطة فى سنة اﻻمتياز وحدنا وسط كل تلك
اﻻمراض،، ﻻ احد تستشيره وﻻ زميل يساعدك وﻻ استاذ يوجهك،، واﻻدهى من ذلك ان اﻻدوية
الموجودة ﻻتساعدك حتى فى العلاج ان وصلت لتشخيص"
"وكنت بعد ماخلص الكشف اروح على الصيدلية اوزع القراطيس قصدى العلاج ، فكنت
اضع بعض كبسوﻻت المضاد الحيوى فى قرطاس وبعض المسكن فى قرطاس،،، واللى بيكح واللى
عنده ربو واللى عنده اسهال واللى عنده الكلى ،، كله مافيش غير القرطاس ده او
القرطاس ده او اﻻتنين،،، الغريبة انهم كانوا بيخفوا وييجوا يشكرونى وجايبين معاهم
زباين تانية "
الله سبحانه
وتعالى الرحيم وفقط هو من يستر أجساد هؤلاء الضعفاء فى ظل غياب الدولة والمؤسسات .
فقراء لا يملكون إلا قروش قليلة تكفى بالكاد ليظلوا أحياء محرومون من اللقمة وشربة
الماء النقية وأمراض متنوعة .
لا أخفى سرا
أنى أعتقد وكثيرون غيرى أن موضوع الأشعة والتحاليل ما هو إلا فتح باب رزق لتلك
المراكز فقديما كنا نحكى للطبيب ما نشعر به وتساعدنا استفساراته واسئلته للوصول
لدقة وصف حالتنا ويكتب العلاج دون الحاجة للأشعة أو التحاليل إلا فيما ندر وفى
أمراض بعينها وكثيرون منا يعتمدون على الصيدلى للحصول على الدواء دون الذهاب لطبيب
مختص .
طبقا لمذكرات
"الست الداكطورة" كما يطلقون عليها كل هم وزارة الصحة فى القرى هو تنظيم
الأسرة وللأسف المجهود يضيع هباء فى ظل أن هؤلاء الفقراء ينجبون بحثا عن الأيدى
العاملة لتحسين مستوى المعيشة . هل قلت "تحسين" ؟؟؟ !!! لا الوصف الصح
هو "للبقاء أحياء" فى حين أن القادرين على الإنفاق ذوى الدخول العالية
هم رواد ورائدات تنظيم الأسرة قليلى الإنجاب.
الممرضات
يكتبن كشوفات عن مستخدمات وسائل منع الحمل بأسماء وأعداد وهمية ويتم بيع تلك
الوسائل إلى الأطباء أصحاب العيادات الخاصة من ناحية زيادة الدخل بجانب مكافآت على
نشاطهن فى مجال تنظيم الأسرة .
بالمناسبة
هذه الكشوف ذات الأسماء الوهمية منتشرة بشدة فى كل قطاعات مصر مرورا بمحطات بنزين
وهمية وموظفين وهميين فى الاوقاف وغيرها لا يهم الرزق حلال أو حرام فالمخروبة من
أعلى منصب إدارى إلى أقل منصب إدارى السرقة بعدة مسميات تجرى على قدم وساق المهم ألا يراك أحد.
"الكشف العادى هذا استمع فيه لشكوى المريض
فقط واكتب له دواء من الخارج،، اما الكشف المخصوص فهو الكشف بالسماعة واكتب دواء
من الصيدلية،،، وكانت التﻻت جنيهات توزع كاﻻتى، خمسين قرشا تسدد قيمة التذكرة،، و2
جنيه للطبيب وخمسين توزع على طاقم الوحدة،،، وصحت فى وجهه ،، ده انتو عصابة
بقي،،،، فغضب ونظر لى نظرة قاتلة وهو يقول كل الوحدات شغالة كده ومدير اﻻدارة عارف
،، وقلت الم نفسي ﻻنى شكلى هاضرب النهاردة ،، فقلت له برقة ،، الناس هنا غﻻبة وانا
جاية اساعدهم ودول اهل بلدكم ﻻزم انتم كمان تساعدوهم،، الكل هيكشف وهياخد حقه
بالسعر اللى قررته الوزارة،، وربنا يبارك ويكفينا الحرام،، "
ملف الصحة
تحديدا بسبب المقتطفات التى قمت بنقلها كما ذكرتها تلك الطبيبة الشابة هى أكبر
دليل على أننا كجزء من الشعب كان يعلق آماله على الثورة أننا نسير فى الطريق الخطأ
تلك القرية وغيرها الكثير خارج نطاق الزمن والعلم والتكنولوجيا وخارج اهتمام
الدولة (معلش مشيها دولة) و نحن جل همنا هو الهجوم على ساكنى القصور الرئاسية
والسخرية من إعلام الإنقلاب وإعلامييه إن جاز أن يسموا هكذا ونترك الكتلة الحرجة المؤثرة
التى لو عملنا لها ومعها بمعنى التحرك فى الأطراف ثم التحرك نحو المركز لتغيرت
المعادلة كثيرا.
No comments:
Post a Comment